يمثل الإيمان بالسحر نوع من اليأس وفقدان الأمل، ويعكس انتشار المشعوذين تخلف المجتمع وتقهقر إنتاجيته، وأود الإشارة إلى أن السحر هو عدم القدرة على تفسير ظاهرة ما، ويقول المرء عن أمر أنه سحر حين يدخل ضمن محسوساته لكن لا يدركه عقله، كالألعاب التي يقوم بها السحرة من باب التسلية، فهي سحر بالنسبة للمتفرجين، لكنه لن يبقى كذلك بعد تفسير كيفية أداء اللعبة من قبل صاحبها، وموسى أبهر الناس، أما السحرة فقد علموا أن قدراته تفوق قدراتهم فآمنوا به.

من جهة أخرى، أخبرنا التنزيل الحكيم عن وجود الجن ككائنات مكلفة، لكننا لا نراها ولا تتدخل في حياتنا، ولا يمكن أن يسمح الله تعالى لها بأن تؤذي فلان فتغير واقعه بناءً على طلب من المشعوذ، إلا بقدر ما يسمح الإنسان نفسه بتصديق هكذا أمور، والأهم من ذلك هو تأكيد كتاب الله على أن لا أحد من الناس يمكنه العلم بالغيب {فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ} (يونس 20)، لا عن طريق الفلك ولا الأبراج ولا غيرها.
أما قوله تعالى {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (البقرة 275) فالشيطان هو الوهم الذي قد يسيطر على التفكير، فيصور للإنسان الباطل حقيقة، فتتخبط أفكاره، ولا علاقة للمس بالجن وغيره.

وأؤكد مرة أخرى أن الحاسد يؤذي نفسه بالكراهية التي تسيطر عليه، أما أن تؤذي "عينه" أحد فلا يمكن إلا إن أقدم على فعل ما، كما في قوله تعالى {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (الفلق 5)، فالشر فعل وليس مجرد أفكار.

.......................................................................................الدكتور محمد شحرور .